هل يمكن الشفاء من الطائفية؟ (Is it possible to be cured of sectarianism?)

بقلم منذر هنداوي

الطائفية مرض، لكنها ليست مرضاً عضالاً لا يمكن الشفاء منه. بل يمكن الشفاء منه. فقط فتشوا عن أصحاب المصالح و اعزلوهم و سترون كيف ستبرأ منها مجتمعاتنا. فتشوا عمن ضخ المليارات ليزرع فيالق بأسماء سنية و بأسماء شيعية كي يدفعوا الناس للتحارب على اساس طائفي و يصبحوا المتحكمين بالطوائف. من موّلوا و نظّروا للطائفية هم البؤر المجرثمة التي وطدت مرض الطائفية و ليس بسطاء الناس الذين انقادوا خلفهم. البديل لداعش و لجبهة النصرة وما شابه ليس لواء فاطميون و لا زينبيون و لا كل أولائك الذين يسيرون مواكب اللطم في شوارع سورية التي لم تعرف اللطم يوماً، و ليس في نزعات التشييع في كثير من مناطق سورية. البديل للتطرف السني ليس تطرفاً شيعياً يعيد إحياء مجزرة الحسين و كأن سنّة اليوم في سورية هم المسؤلون عن تلك المجزرة قبل ١٤٠٠. البديل الحقيقي للطائفية و الخلاص الحقيقي منها هو دولة مواطنة مدنية لا تميز بين مواطنيها حسب الانتماء الديني و الطائفي. دولة تعتبر الانتماء لدين أو لطائفة حق من حقوق كل مواطن و ليس ميزة أو وساماً تخوله مكاسب خاصة. 

أما آن الآوان كي تبرأ سورية من الطائفية؟!  أم ما زال على السوريين أن يندفعوا مكرهين نحو هذا الطرف الطائفي أو ذاك؟. لا شك أن الشعب السوري سئم من هذه الطائفية و من المروجين لها و المستثمرين فيها. انظروا إلى المصالحات التي تمت بواساطة روسية و لاحظوا كيف أن غالبية الناس من سنة و علويين و مسيحيين يثقون بالشرطة العسكرية الروسية أكثر من كل المليشيات و التنظيمات الطائفية. ألا يشير هذا إلى أن الناس سئمت من تلك التنظيمات و المليشيات الطائفية؟!  بلى إنه يشير إلى ذلك. لكن الناس العاديون لا يحسب لهم حساب في هذه المحرقة الطائفية سوى أنهم وقودها. 

إن كان هناك عدل في هذا الكون فيجب أن يحاسب حساباً عسيراً كل من استثمر في تأجيج الصراع الطائفي في بلدنا و خاصة في هذه الدول: قطر و السعودية وايران وتركيا. في هذه الدول الأربعة يقبع مجرمون بحق الشعب السوري. لا ألوم إسرائيل لدورها في تأجيج الطائفية في بلدنا. فإسرائيل منذ تأسيسها تعمل على شرعنة نفوذها من خلال الادعاء أن الشرق الأوسط منطقة طوائف و أديان لا يمكن ان تتعايش فيما بينها. و إسرائيل بهذا تبرر وجودها كدولة يهودية. و قد عملت بدأب على تأجيج الخلافات الطائفية في المنطقة منذ تأسيسها. وقد نجحت في مساعيها بمساعدة مقصودة أو غير مقصودة ممن ساهموا بعسكرة الحراك السلمي السوري مطلع ٢٠١١. لذلك اللوم يقع على الدول الأربع التي تنادي بالاسلام، و تدعي حرصها على الشعب السوري بينما هي من مولت و عسكرت الحراك السلمي المطالب بالديموقراطية و حولته إلى صراع طائفي دمر البلد .  

طريق واحد للشفاء من الطائفية. طريق يبدو مستحيلاً و لكن لا يلوح في الأفق غيره الآن. إنه اليقظة لدى السوريين، و خاصة ممن ينتسبون للطائفة العلوية والسنية بأن السبيل الوحيد للنجاة و استعادة مصير البلد ليصبح بيد أبنائها يكمن في العمل معاً لنبذ الطائفية و التأسيس الحقيقي لدولة المواطنة. فهل من بداية جديدة لسورية جديدة غير طائفية !؟. هل من صحوة؟ هل من نخوة؟ربما أكون أحلم!. لكني أفضل أن أعيش بهذا الحلم على أن يفرض عليّ واقع يسوده التنابذ و التصارع الطائفي.

Print Friendly, PDF & Email

Source Article from http://www.redressonline.com/2018/05/%D9%87%D9%84-%D9%8A%D9%85%D9%83%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%81%D8%A7%D8%A1-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D8%A6%D9%81%D9%8A%D8%A9%D8%9F-is-it-possible-to-be-cured-of-sectarianism/

You can leave a response, or trackback from your own site.

Leave a Reply

Powered by WordPress | Designed by: Premium WordPress Themes | Thanks to Themes Gallery, Bromoney and Wordpress Themes